وجهة نظر /
أ.د / إدريس بولكعيبات
قصة فتح التكوين في الاعلام و الاتصال بجامعة منتوري ( 3 )
بعدما أعدت الارتباط بمعهد علم الاجتماع بجامعة منتوري عام 1995 ، نظم المعهد في ربيع تلك السنة ملتقى حول الاتصال في المؤسسة شاركت فيه بمداخلة حول ظاهرة " حجز المعلومات و منع تدفقها و تأثير ذلك على مسألة اتخاذ القرار " . و حضر الأستاذ " مراد بن صاري " مدير الجامعة جانبا من الفعاليات و أبدى إعجابه بما قدم من طرح . في تلك الأجواء عرض الأستاذ " سلاطنية بلقاسم " فكرة الحاجة لدعم الفرع الجديد بأساتذة لهم خبرة في الاعلام و ذلك ما تم بالفعل لاحقا ؛ كان الذين تولوا تدريس بعض المواد بالمعهد يعوزهم الاختصاص و الخبرة على حد سواء . و كما هو معروف ، النوايا مهما كانت حسنة ، لم تكن أبدا شرطا كافيا لانجاز الأشياء كما يرغبها الانسان .
واجهت هذه العملية مشكلا تقنيا ، تصدى له الأستاذ " محي الدين مختار " طيب الله ثراه و كان قد تولى رئاسة المجلس العلمي للمعهد كان ذلك عام 1996.
كنت قد مللت تولي المهام الادارية و ما سعيت اليها أبدا في حياتي . و رغم ذلك كانت تلقى على عاتقي بشكل غير منقطع منذ أن بلغت السابعة و العشرين من عمري . و كلما أردت الاستراحة كما يفعل المحاربون تقذفني الأقدار الى واجهة جديدة . لم تكن مسألة اختيار أبدا .
في الجامعة ، لم أتمكن من تغيير هذا القدر . ظننت أني سأتفرغ للتدريس و كنت مرتاحا للتخلص من عبء مللت من حمله . و هو عبء ثقيل في الجزائر التي تحكمها الشعبوية و الغوغائية و الرداءة كانت هي القوة المحركة لفعل الشر و المعطلة دائما و قد يكون ذلك أبدا .
كل شيء متعرج للغاية .
و أعلم أن الكثير من المدراء الذين عانوا معاناة شديدة في أعقاب حالة الانفلات التي أفرزتها أحداث أكتوبر ، كانوا من الأكفاء .
تلك هي حقيقة القطاع العام الذي تحول الى مستنقع آسن ، و لم يكن أبدا يحدوه الطموح للأخذ بأسباب الفعالية منذ الاستقلال .
و هكذا ، اقنعني الأستاذ " بلقاسم سلاطنية " بما كنت أخشاه و من اليوم الأول الانضمام الى الادارة و قد فعل الشيء نفسه مع الأستاذ " محمد غراس " الذي أصبح لاحقا الأمين العام لوزارة التعليم العالي .
كان ذلك خلال جلسة بمكتبه بعمارة الآداب . و قد عانى معنا في التفاوض ؛ حيث لم يكن أي منا يرغب في تولي المهمة .
كان رجلا يتمتع بقدرة على الاقناع و ترغيب الناس في العمل معه و كان يتحدث عن سقف مرتفع من الطموحات . ذلك ما جعلني شخصيا أعيد النظر فيما كنت قد عزمت عليه .
و بحكم عملي على ملفات الشؤون الدولية عندما كنت صحافيا محترفا ، كنت أعجب ببعض التصريحات لدبلوماسيين بارزين و أسعى لاسقاطها على سلوكاتي . و في هذا الشأن حضرني ما قاله "بطرس غالي " الذي شغل منصب الأمين العام للأمم المتحدة ؛ حيث سأله صحفي مرة عن سبب تغيير رأيه باعادة ترشحه مجددا لأمانة الأمم المتحدة ، فأجابه باسما و بكل برود :" الحمار وحده لا يغير رأيه".... !
للحديث بقية .....تحياتي