أهمية الملتقى
منذ احتلالها لمدينة الجزائر عام 1830، ورغم توقيعها على معاهدة التزمت بموجبها احترام حقوق الجزائريين وحماية ممتلكاتهم العامة والخاصة وديانتهم وحرماتهم... (م.5)، لم تتوان قوات الاحتلال الفرنسي ممثلة في الجيش والميليشيات المسلحة في ارتكاب أبشع الجرائم في حق الشعب الجزائري، جرائم لا تقل بشاعة عن تلك المرتكبة حاليا في فلسطين، العراق، أفغانستان،كشمير...، منتهكة بفعلها ذلك كل ما نصت عليه اتفاقيات القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني و أعراف الحرب من مبادئ لعل أهمها حماية المدنيين وغيرالمدنيين و حماية و احترام الأعيان المدنية وكذا العمل على تطبيق مبدأ عدم جواز الإفراط في استعمال القوة.
وقد نفذت السلطات الاستعمارية الفرنسية المدنية والعسكرية مخططا إجراميا لإبادة الجزائريين، وعمدت إلى استخدام كل الإجراءات الممكنة والمتوفرة لديها، ولم تكتف في سياستها القمعية والعقابية أي أحد، بل وسعتها لتشمل من دون تمييز المدنيين العزل من أطفال ونساء وشيوخ. وارتكبت على إثرها ف مئات المجازر الجماعية، وحالات التقتيل الفردي والعشوائي، وفي هذا الإطار استعانت القوات الفرنسية بعدة وسائل وقوانين عقابية تتعارض مع القوانين الدولية وحتى الفرنسية أطلقت عليها اسم "القوانين الخاصة"
وعلى الرغم من فظاعة الانتهاكات وخاصة تلك الناجمة عن استعمال الأسلحة غير التقليدية، التي تعتبر من أخطر الأسلحة على الإطلاق، لما تحدثه من دمار واسع وتأثير طويل الأمد على الأشخاص وصحتهم وسلامتهم ممتدا إلى البيئة، ظلت فرنسا ترفض الاعتراف بارتكاب تلك الجرائم رغم الشواهد الكثيرة والاعترافات العديدة لمرتكبي تلك الجرائم من مسؤولين مدنيين وقادة عسكريين، بل ذهب بها الأمر إلى استصدار قانون (قانون 23 فيفري 2005) يمجد الاستعمار وبالتالي تبرير ارتكاب تلك الجرائم وعدم متابعة المسؤولين عن ارتكابها و أيضا إنكار مسؤوليتها كدولة عن تعويض الأضرار التي تسببت فيها على مدى 138 سنة أو يزيد.
وقد رأى قسم العلوم الإنسانية ، وفي إطار نشاطاته العلمية ، أن يتناول يتناول مسألة جرائم الاحتلال الفرنسي في الجزائر بالدراسة، البحث والنقاش العلمي الحر والهادف، من خلال تنظيم ملتقى دولي تحت مسمى:"جرائم الاحتلال الفرنسي في الجزائر بين الجريمة المكتملة والمساءلة المؤجلة".